نميري.. المسير الأخير ..
بقلم: محمد عبد العزيز : تصوير: ابراهيم حامد
مدخل:
(شعبي العزيز..أعيش فى كيانكم، مثلما تعيشون فى وجداني)
المشير جعفر نميري
مثلما كانت فترة حكم الرئيس الأسبق جعفر نميري متباينة، كانت جنازته بذات الصورة، فالمشيعون هم مزيج من القادة العسكريين، رجالات الطرق الصوفية، وقادة الخدمة المدنية، وحتى الفئات النسائية، والشبابية، التفت حول جثمانه، ورافقته الى مشواره الأخير.
نميري ووري الثرى في موكب رسمي تقدمه المشير عمر البشير رئيس الجمهورية ، وعدد كبير من الوزراء والدستوريين، والدبلوماسيين. ولفيف وأطياف من الطرق الصوفية براياتها المميزة، احتشدوا داخل استاد ودنوباوي حيث اقيمت صلاة الجنازة.
(1)
صباح الأمس بالمدينة كان مختلفاً والبلاد تودع رجلا قاد دفتها (16) عاما من تاريخها، الشمس كالحة.. والدموع المالحة شكلت السمات العامة للمشهد.
وقد اغلقت قوات الشرطة منذ وقت مبكر الطرق المؤدية الى الموكب الطويل الذى بدأ مشواره من باحة القصر الجمهوري، بعد أن أقيمت بعض مراسم العزاء الرسمية هناك، ليتم بعدها حمل النعش الملفوف بعلم السودان بواسطة كبار الضباط والقيادات العسكرية في سيارة عسكرية مكشوفة، وفى ذات الوقت تقدمت الموكب عدد من الدراجات النارية، والعربات المدرعة الى استاد ودنوباوي ومقابر أحمد شرفي، بعد إرتباك حركة السير، ونصبت قوات الأمن والجيش حواجز لمنع تدفق المواطنين.
ومن القصر وعبر شارع النيل مروراً بكوبري النيل الأبيض تحرك الموكب الى مدينة ام درمان، التى مضي فيها بشارع الموردة، وحتى منزل الراحل بحي ودنوباوي مروراً بالطابية وأزهري. وقد اصطف عدد كبير من المواطنين على جنبات الطريق لمتابعة المسير الاخير للنميري.
وقد اتخذ الموكب ذات الطريق الذي درج الراحل على الذهاب به منذ ان كان رئيساً للسودان، وحتى بعد عودته للخرطوم بعد ثورة أبريل.
(2)
وعلى طول الطريق من منزل الفقيد بودنوباي، مرورا بشارع الوادي حتى مقابر احمد شرفي تراصت الجموع لإلقاء نظرة الوداع على النميري، وسط حضور طاغٍ من القوات النظامية، وقيادات دستورية وتنفيذية، سابقة وحالية، مما أبطأ حركة سير الموكب.
بعد الصلاة تسابقت الجموع لحمل النعش، ولكن التعليمات كانت واضحة بأن تتم المراسم العسكرية لتشييع الجثمان كما هي. فتم عزف موسيقى عسكرية (لن ننسى أياماً مضت). وفى ذات الوقت كانت للطرق الصوفية مراسمها تسير جنباً الى جنب، بايقاعات (طبولهم) وهتاف (لا اله الا الله).
اثناء مراسم الدفن بالجزء الجنوبي من مقابر أحمد شرفي بام درمان، لم يستطع البعض التماسك، فانهمرت الدموع وفى بعض الأحيان انهارت الاجساد.